التفاحة و ثابت بن إبراهيم

كان أحد الصالحين و اسمه "ثابت بن إبراهيم" يسير ذات يوم في مدينة الكوفة إذ سقطت تفاحة من بستان فأخذها فأكل نصفها و تذكر أنها ليست ملكه فدخل على البستانى و قال له أكلت نصف تفاحة.. سامحنى َِِفيما أكلت و خذ النصف الاخر فقال له البستانى أنا لا املك السماحة لان البستان ليست ملكى و انما هى ملك سيدى فقال له و اين سيدك حتى أذهب اليه و أستسمحه؟

قال له البستانى بينك و بينه مسيرة يوم و ليلة فقال له:لاذهبن اليه مهما كان الطريق بعيدا فلا يحل لى أن اكل شيئا بدون إذن مالكه و النبى (صلى الله عليه و سلم) يقول من نبت جسمه من حرام فالنار أولى به0

حملته قدماه الى صاحب البستان.. و طرق بابه و فتح له الرجل الباب و بعد أن سلم عليه قال له: يا سيدي سامحنى فيما أكلت من التفاحة و ههذا هو نصفها الاخر.

فنظر صاحب البستان اليه و قال له: يا هذا لا اسامحك الا بشرط واحد فقال له: و ما هو؟ فقال له: أن تتزوج ابنتى فقال ثابت في نفسه و هذا شرط.. اكل نصف تفاحة و أتزوج ابنتك ما هذا؟ ولكن أبا الفتاة قال له اليك أوصافها قبل أن تعقد عليها و تدخل بها إنها عمياء, إنها بكماء, إنها صماء, إنها مقعده, و فكر ثابت في هذا الامر و قال في نفسه أهذه زوجة يصح أن أقترن بها؟

من أجل هذا لا يريد أن يسامحنى فيما أكلت ثم قال له صاحب البستان بغير هذا الشرط لا أسامحك فقال ثابت قبلت خطبتها و سأقبل زواجها و أتاجر فيها مع الله رب العالمين,أقوم على خدمتها و أكون بذلك قد وضعت لى حسنات عند الله تعالى.

فدعا أبوها بشاهدين فشهدا على العقد و عقد العقد و إذا بصاحب البستان يأتى بابنته و يدخلها حجرته ليدخل عليها زوجها ليلا و استعد ثابت للدخول على زوجته فدخل عليها و قال سألقى عليها السلام و أن اعلم أنها صماء لترد على ملائكة الرحمن السلام.. فألقى عليها السلام فردت عليه السلام.. و هبت واقفة و وضعت يدها في يده فقال ثابت ماذا حدث؟ ردت السلام إذن هي ليست بكماء و سمعت السلام إذن هي ليست صماء و قامت واقفه إذن ليست مقعدة و مدت يدها إلى يدى إذن هي ليست عمياء فلماذا أخبرنى أبوها بأن فيها هذه الصفات كلها؟

جلس بجانبها يسألها و قال لها: إن أباك قد أخبرنى بأنك عمياء صماء مقعدة فقالت له الفتاه لقد صدق أبى فقال لها ثابت و لكنى لا أرى شيئا من كل هذا

فقالت له إن أبى أخبرك بأنى عمياء لان عينى لم تنظر الى ما حرمه الله عمياء عن الحرام صماء الاذنين عن كل ما لا يرضى الله, بكماء اللسان لان لسانى لا يتحرك الا بذكر الله مقعده لان قدمى لم تحملنى على مكان يغضب الله تعالى.

فقال ثابت فنظرت الى وجهها فكأنما قطعة قمر ليلة التمام.. و أنجب منها مولودا ملأ طباق الارض علما إنه الامام الجليل "أبو حنيفة النعمانى" بن ثابت رضى الله عنه. كانت هذه السيدة أم الامام "أبى حنيفة" رضى الله عنه الذى اجتهد في ثلاث و ثمانين ألف مسألة فقهية أبو حنيفة الذى ظل أربعين سنة يصلى الفجر بوضوء العشاء.